كلمة المديرة العامة
آمال الشيخ عبد الله
لا يتوفر الموريتانيون، في غالبيتهم العظمى، على أي نظام تأمين صحي يسمح لهم بمواجهة المصاعب المالية في سبيل الاستفادة من الخدمات الصحية.
وهو ما يدفعهم، في معظم الأوقات، إلى التخلي عن الخدمات الصحية، أو يعرضهم، في أغلب الأحيان، للإنفاق إلى حد إفقار أنفسهم من أجل تغطية أعباء صحية باهظة التكلفة ولكنها مع ذلك ضرورية.
إن هذه الوضعية، فضلا عن كونها مضرة بالأفراد أنفسهم، تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني. ذلك أن شعبا مريضا هو شعب لا ينتج، وشعب يقود نفسه إلى الفقر؛ أما الشعب الذي يتمتع بصحة جيدة فهو يعمل، ويرسل أطفاله إلى المدرسة، ويكون شبابه ويسمح للبالغين منه بعيش حياة صحية مليئة بالعمل والإنتاج.
وانطلاقا من هذه الملاحظة، قرر فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وفقا لبرنامجه، إنشاء الصندوق الوطني للتضامن الصحي (CNASS)؛ وهو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمثل مهمتها في تطبيق نظام تأمين صحي طوعي لصالح الأشخاص في القطاع غير المصنف وغير المستفيدين من تغطية نظام التأمين الصحي الإلزامي الذي يسيره الصندوق الوطني للتأمين الصحي (CNAM).
وقد رأى، الصندوق الخاضع لوصاية وزارة الصحة، النور بفضل تمويل من الإتحاد الأوربي لفترة أربع سنوات، ودعم فني من التعاون البلجيكي (Enabel).
لقد حظيت بعظيم شرف التعيين على رأس الصندوق الوطني للتضامن الصحي، مع تفويض بالعمل على تمكين كل موريتاني وموريتانية من تأمين نفسه وتأمين عائلته ضد مخاطر المرض، وذلك مقابل مشاركة مالية زهيدة. إنني فخورة، بهذا الصدد، بقيادة فريق من الخبراء الأكفاء والمتحمسين، أعلق عليهم آمالا كبيرة لنجاح هذه المهمة الرائعة.
يعتبر نظام التأمين الصحي المطبق من طرف الصندوق الوطني للتضامن الصحي، قبل كل شيء، نظاما ذا طابع اجتماعي صرف. فقد أخذ حساب مبلغ المشاركة في الحسبان دخل الأسر الأكثر تواضعا، ولن يدفع المؤمنون إلا الثلث في حين تتكفل الدولة وشركاؤها بالبقية. ويمنح الاشتراك الحق في سلة من الخدمات الصحية تم تشكيلها هي الأخرى حسب الاحتياجات الصحية للسكان والتي تغطيها بنسبة 90%.
يمثل الصندوق الوطني للتضامن الصحي بكل تأكيد، بوصفه مشروعا اجتماعيا، واحدا من أهم المشاريع وأكثرها طموحا منذ استقلال بلادنا. فبفضله، تقطع موريتانيا خطوة حاسمة نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة في أفق 2030 من خلال تمكين كل موريتاني، مهما كان دخله ومكان إقامته على التراب الوطني، من النفاذ إلى الخدمات الصحية التي يحتاجها، في اللحظة التي يحتاجها، دون مواجهة مصاعب مالية.
مع ذلك، لا يزال الصندوق الوطني للتضامن الصحي يواجه تحديات عديدة:
أولا، يتجلى الطابع الطوعي للتأمين – الذي يبرره كون القطاع غير المصنف في موريتانيا يظل عصيا على التحديد ومن ثم يستحيل إخضاعه لنظام إلزامي –في نسبة انتساب ستبقى ضعيفة، بدون التزام لا رجعة فيه من لدن السلطات العمومية والسلطات المحلية والشركاء، ولكن، أكثر من ذلك، بدون حملة تحسيسية وتعبوية واسعة للسكان المستهدفين.
ثانيا، يسعى الصندوق الوطني للتضامن الصحي إلى أن يكون بنية قريبة من المواطنين، ما يتطلب موارد لوجستية هامة لكي يكون بأقصى قرب ممكن من السكان؛ خاصة وأن التجربة أظهرت أن المشاريع الاجتماعية ذات التسيير المركزي لديها تأثير ضعيف على المواطنين وتترتب عليها تكاليف إدارية باهظة.
وأخيرا، يراهن الصندوق الوطني للتضامن الصحي على أن يكون رافعة لتحسين عرض الخدمات الصحية في الهياكل الصحية، وخاصة هياكل المستوى الابتدائي. ففي نظام التأمين التشاركي والطوعي الذي نطبقه، تمثل جودة عرض الخدمات الصحية، وثقة المؤمنين في الهياكل الصحية، الضمانات الوحيدة لتحقيق النجاح. وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية: وزارة الصحة، والشركاء الفنيون والماليون ومقدمو الخدمات الصحية أنفسهم.
لقد أطلق هذا الموقع الالكتروني، ليس فقط لإعلام الجمهور حول مهام الصندوق الوطني للتضامن الصحي وأهدافه وطرق الانتساب له، ولكن أيضا لإثارة التزام هذه الأطراف المعنية، وليكون فضاء نقاشات تفاعلية، ومنصة للانتساب عن طريق الانترنت.
أتمنى لكم تصفحا ممتعا ومفيدا.